ذلك، وهو أن التيار الكهربائي العام يتقوم بتيار روحي يهيمن عليه في صميم الأثير، وهو مصدر التفكير والإلهامات، فإذا كان التيار الكهربائي مصدر هذه العجائب التي هي بين سمعنا وبصرنا، فمصدر أي العجائب سيكون التيار الروحي في مستقبل عقل الإنسان، يوم يتحكم به كما يتحكم اليوم بتيار الكهرباء؟؟ ثم يختم هذا وهو يملي على تلاميذه بقوله: إذن صدقوا يا أبنائي ما يرويه لنا تاريخ الأديان من أن الأنبياء والرسل كانوا يمشون على الماء ويصعدون في الهواء).
ويقول (أنشتين): - صاحب نظرية النسبية -: (لا يدخل في روع من يفكر أن الفضاء لا شئ، فمما لا ريب فيه أن هذا الخلاء ممتلئ صلب ولعله أصلب من الفولاذ).
فليعجب الإنسان لعظمة القوة في نفسه التي يخترق بها هذا الفضاء الصلب عن طريق العين والفم والقلب بنظرته ونبراته وتفكيره، وليعجب أكثر من أن صلابة هذا الأثير قائمة على ما يختزنه في صميمه من قوة الفكر والصوت والنظر الحائر فيه من كلى الروح المنبث في جزئيات هذا الكائن الإنساني الذي يعمر الكون.
من هذا كله نصل إلى عظمة قول الله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق). (1) يكفي هذا العرض الموجز من مبحث النفس الخارج عن مقدورنا وأفق تفكيرنا، إذ هو أمر عجيب رباني تعجز العقول والأفهام عن إدراك كنهه.
فإذا كانت النفس بهذا السمو والرفعة، وقد خصها الله تعالى - تشريفا لها - بالخطاب بقوله: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية