لك. فانصرف الشاب فإذا جيران أنابيره قد اجتمعوا عليه يقولون حول هذه الأنابير عنا، فجاء إلى أنابيره وإذا الحنطة والشعير والتمر والزبيب قد نتن جميعه وفسد وهلك، وأخذوه بتحويل ذلك عن جوارهم، واكترى أجراء بأموال كثيرة فحولوه وأخرجوه بعيدا عن المدينة، ثم ذهب يخرج إليهم كراء من أكياسه التي فيها دراهمه ودنانيره فإذا هي قد طمست ومسخت حجارة، وأخذ الحمالون يطالبون بالأجرة، فباع ما كان له من كسوة وفرش ودار، وأعطاهم الكراء، وخرج من ذلك صفرا، ثم بقي فقيرا وقترا لا يهتدي إلى قوت يومه، فسقم لذلك جسده وضنى، فقال رسول الله (ص): يا أيها العاقون للآباء والأمهات اعتبروا واعلموا أنه كما طمس في الدنيا على أمواله، فكذلك جعل بدل ما كان أعد له في الجنة من الدرجات معدا له في النار من الدركات " (1) إن شباب الجيل المثقف يرون لهم كل حق على الآباء، ولا واجب عليهم لأب وأم، وأقدم مثلا واحدا على ذلك من حياة الكاتب الشهير (أحمد أمين المصري) قال في كتابه (حياتي):
" كنت أمشي على رجلي من بيتي في (المنشية) إلى الأزهر، وأعود من الأزهر وأنا أحمل ما يبهضني حمله، وكان أبي يعلمني في كتاب، فأصبحت أعلم أولادي في رياض الأطفال، ولا يعجبهم أن يركبوا في الدرجة الأولى في الترام ويطلبون سيارة خاصة، وكان أبي يضربني على الشئ التافه الصغير فأحتمل ولا أثور ولا أغضب، فصار أبنائي يغضبون من الكلمة الخفيفة، والعتاب المؤدب، لا أؤاخذ أبي على حرماني من الضرورات، فصار أبنائي يؤاخذونني على حرمانهم من الإسراف في الكماليات... ".
وأولاد (أحمد أمين) هؤلاء منهم من يحمل شهادة الاختصاص في الحقوق