عز وجل صفات عباد الرحمن بقوله: " والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ".
فهؤلاء المؤمنون يغمرهم اهتمام كبير بشأن مستقبل أمتهم، فهم يتمنون من الله أن يهبهم من زوجاتهم وذرياتهم جيلا مؤمنا صحيح الإيمان، سليم العقيدة، يدعو للفخر والبهجة.
وفي هذه الآية قاعدة كبرى من قواعد التربية: " واجعلنا للمتقين إماما " فأهم ناحية في الترية هي وجود القدوة الحسنة. فالطفل لا يتأثر بالوعظ والكلام ومعرفة النظريات، فالكلام - كما يقولون - يدخل من أذن ويخرج من أخرى وخاصة بالنسبة للطفل، فإن عقليته البسيطة لا تدرك المجردات والنظريات ولا تعيها، لأن نموه الفكري لا يزال في بدايته، ولا بد له لكي يفهم هذه النظريات من أن تتجسد في شخصية محسوسة، فيقتدي بها ويعمل على أثرها، إنه يدرك الخير عندما يرى من يفعله ويعرف السلوك الحسن عندما يرى أباه يفعله وكما يقولون: (الولد سر أبيه) فالقدوة خير من الكلام مهما حسن وطال ونمق وزخرف.. يقول علي أمير المؤمنين (عليه السلام): " أيها العلماء ربوا الناس بأفعالكم قبل أن تربوهم بأقوالكم " فالقدوة الحسنة أهم قاعدة في أساليب التربية.
ومن المشكوك فيه أن ينشأ الطفل سليم البنية سليم التفكير والتربية حسن الخلق قوي العقيدة عن طريق الوعظ والكلام، وهو يشهد أبويه يفعلان خلاف ما يقولان وسلوكهما يختلف عن أقوالهما. فالأب الذي يكذب ويطلب من ابنه أن يكون صادقا كمن يضحك على نفسه، لأن ابنه لن يصغي إلى ما يعظه به بل سيفعل ما يفعل وهذا يصدق في كل عمل أخلاقي، فإذا أردنا أن يكون الطفل حسن التربية فلا بد من توفير جو صالح ينشأ فيه، ومن يملأ هذا الجو مثل الأبوين.
بقول (أبو حامد الغزالي) حين يعدد واجبات المعلم: " يجب أن يكون