3 - أما طاعته لهما فهي دليل على إخلاصه وحبه، فواجب عليه أن يطيعهما وأن يخلص لهما، في السر والعلانية، وأن يعمل بنصائحهما، وأن يعتقد كل الاعتقاد أن الفوز والنجاح في امتثال أوامرهما، والخيبة والخسران في مخالفتهما، لأنهما أعرف منه بالنفع والضار، وأكثر خبرة منه بأمور الدنيا ولا يهمهما إلا نفعه، وراحته وسعادته.
4 - أما احترامه البنوي لهما، فيكون برعاية الأدب نحوهما في قوله وفعله، فلا يعاملهما معاملة الأنداد، بل معاملة الصغير للكبير، حتى إذا بلغا من الكبر عتيا وجب عليه احتمال ما يبدو منهما مهما كان مخالفا للعقل والصبر مع التلطف في إرشادهما إلى جادة الحق والصواب " (1) وهنا لفتة جميلة:
جاء عن النبي (ص) أنه قال: " إن ثلاثة نفر انطلقوا إلى الصحراء فمطرتهم السماء، فلجئوا إلى كهف في جبل ينتظرون إقلاع المطر، فبينما هم كذلك إذ هبطت صخرة من الجبل، وجثمت على باب الغار، فيئسوا من الحياة والنجاة، فقال أحدهم: لينظر كل واحد منكم إلى أفضل عمل عمله فليذكره، ثم ليدع الله تعالى عسى أن يرحمنا وينجينا.
فقال أحدهم: اللهم إنك تعلم أني هويت امرأة، ولقيت في شأنها أهوالا حتى ظفرت بها ولكنني تركتها خوفا منك، فإن كنت تعلم أنه ما حملني على ذلك إلا مخافتك فأفرج عنا، فمالت الصخرة عن مكانها حتى دخل عليهم الضوء وقال الآخر: اللهم إنك تعلم أني استأجرت أجراء، فعملوا لي فوفيتهم أجورهم إلا رجلا واحدا ترك أجره عندي، وخرج مغاضبا، فربيت أجره، حتى نما وبلغ مبلغا، ثم جاء الأجير فطلب أجرته، فقلت: هاك ما ترى من