وكذلك (أرسطو) و (أفلاطون) و (فيثاغورس) و (أرخميدس) و (أقليدس) وغيرهم من الحكماء الذين كانوا معلمين هذبوا اليونان القديم وكونوا له مدنية هي أساس حضارات الأمم التي لا نزال نشاهد آثارها وعظمتها إلى اليوم.
فالمعلم الذي يضحي بنفسه وهو يعاين الجراثيم الفتاكة ليعلم تأثيرها إلى تلاميذه، وينشر مفعولها إلى شعبه، وجب أن يكون أعلى مقاما من المتفاني بماله من المحسنين، إذ أن الاحساس ينحصر بجزء من الشعب بينما العلم يشمل الكل.
ولذلك جاءت الكتب السماوية والأحاديث الشريفة وأقوال العظماء المأثورة حاثة على العلم والتعليم.
المعلمون قادة الرأي العام ومنقذوا الشعوب من الموت الأدبي، فإليهم ترجع الأمور ومن آرائهم الصائبة تستنبط المعضلات وتعرف الرموز والمشكلات وتسن القوانين.
إن أهم وظيفة يقوم بها المعلمون هي غرسهم بذور الأخلاق الطيبة في النفوس، تلك الأخلاق التي عليها مدار جميع الأعمال، وبدونها لا يتمكن البشر من أن يسير سيرا حسنا مهما علت منزلته وسمت رفعته.
فكر فيما قاله النبي محمد (ص) - معلم الأمم الحكم - في خطبة له:
كأن الموت فيها على غير ناقد كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا قد وجب إلى أن قال: طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، طوبى لمن أنفق مالا اكتسبه بغير معصية، طوبى لمن زكت وحسنت خليقته وطابت سريرته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن أنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله).
تجد الصراحة متجلية أمام عينيك ثم تعمق في المعاني التي تنطوي عليها