هذه القدرة والنعمة الجسيمة التي لا يعرف قيمتها إلا فاقدها، ولا يدرك ضرورتها إلا من حرمها.
هذه القدرة والعظمة إذا تجلت وتحققت لدى الإنسان يدرك عند ذاك مدى عناية الإمام عليه السلام بهذا العضو المهم، ويعرف مغزاه من توجيهنا نحوه والايصاء به، والالزام بأداء حقه، بأن يستخدم في غير سبيل الشر، وأن يكون طريقا إلى سماع العلم والحكمة والموعظة، بدلا من الاصغاء إلى كلام مغتاب مشاء بنميم، مناع للخير معتد أثيم.
والإمام عليه السلام يعتبر السمع الباب الوحيد لإيصال الكلام إلى القلب، وأن هذا الباب يؤدي إلى القلب ضروب المعاني ومختلف الأقوال.
فبالسمع يتلقى الإنسان العلوم، وبالسمع يعرف الصالح من غير الصالح وبالسمع يستطيع أن يملأ قلبه حكمة ومعرفة ويقينا.
وهنا يعيد الإمام عليه السلام قولة العبد الذي ليس له من الأمر شئ، إنما الأمر كله لله يعمل ما يشاء وما يريد. ومن حق الإمام دائما أن يعيد هذا القول لأنه يشعر شعورا عميقا أعمق من كل شعور، أنه ضعيف في غاية الضعف، وأنه بحاجة شديدة إلى المعونة القوية التي تأتيه من قبل مصدر القوة والإرادة، لكي يستطيع أن يعصم نفسه في كل ما لا يرتضيه الله من قول أو عمل.
* * * حكمة الخالق:
(لما كانت القوة السامعة لا تفيد السمع إلا بواسطة قرع الصوت للهواء ووصول ذلك الهواء إلى الدماغ، اقتضت الحكمة الإلهية أن يجري السمع في عظم صلب ذي عطفات وتعاريج كثيرة إلى أن ينتهي إلى عصبتين ناشئتين من الدماغ.