وإن عصيان السلطان يهدم أركان الملة، وإن أرفع منازل السعادة طاعة السلطان، وإن طاعته عصمة من كل فتنة. وبطاعة السلطان تقام الحدود وتؤدى الفروض وتحقن الدماء وتؤمن السبل).
وما أحسن ما قالت العلماء: (إن طاعة السلطان هدى لمن استضاء بنورها، وإن الخارج عن طاعة السلطان منقطع العصمة برئ من الذمة، وإن طاعة السلطان حبل الله المتين ودينه القويم. وإن الخروج منها خروج من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية. ومن غش السلطان ضل وزل، ومن أخلص له المحبة والنصح حل من الدين والدنيا في أرفع محل).
والسلطان الفاضل هو الذي اجتمعت فيه خصال، وعدمت فيه خصال:
فأما الخصال التي يستحب أن توجد فيه:
منها (العقل):
وهو أصلها وأفضلها، وبه تساس الدول بل الملل وفي هذا الوصف كفاية ومنها (العدل):
وهو الذي تستغرز به الأموال، وتعمر به الأعمال، وتستصلح به الرجال وكان يقال: (لا يكون العمران إلا حيث يعدل السلطان) وكان يقال العدل حصن وثيق في رأس لا يحطمه سيل ولا يهدمه منجنيق.
وقال النبي (ص): (زين الله السماء بثلاثة: الشمس والقمر والكواكب وزين الأرض بثلاثة العلماء والمطر والسلطان العادل). وقيل لأنوشروان أي الخير أوقى قال: الدين. قيل: فأي العدد أقوى قال: العدل.
وخطب الإسكندر جنده فقال لهم بالرومية كلاما تفسيره: (يا عباد الله إنما إلهكم الله الذي في السماء الذي نصرنا بعد حين، الذي يسقيكم الغيث عند الحاجة، وإليه مفزعكم عند الكرب والله لا يبلغني أن الله أحب شيئا إلا