ففي كل كرية دلالة واضحة على الإرادة والقصد من مكونها.
وإذا كان في الدم (400) ألف مليون كرية، ففي الدم وحده (400) ألف مليون دليل قاطع لا يقبل الرد على الإرادة والقصد لمكونه.
مضافا إلى ما في الدم من أجزاء أخر من الأملاح و (الهيموغلوبين) و (البلازما) وغيرها التي يتكون منها الدم الذي تدوم به أعمال الحياة في البدن وإذا نظرنا إلى الجهاز الهضمي وأعماله الدقيقة، من منبت الأسنان إلى فضاء الفم، إلى الحلقوم والمري، إلى المعدة والاثني عشري، إلى الكبد والمرارة والمعاء والكليتين والطحال. نجد في كل مرحلة من مراحل الهضم، مئات ألوف الملايين من الأدلة على الإرادة والقصد وإتقان الصنع، وبديع الخلق ودقيق الحكمة، في خالق هذه الأجزاء ومكونها. ومع هذه الأدلة القاطعة، كيف يقنع الإنسان نفسه ويرضى لها أن تنكر هذه الدلالات الواضحة.. اللهم إلا من نسي نفسه.
وأولئك الذين أخبر الله تعالى عنهم، ونهى الناس أن يكونوا منهم، وذلك بقوله في سورة الحشر: (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم وأولئك هم الفاسقون).
إن (الفسيولوجيا) ككتاب توحيد كامل ترى في كل صفحة منه ألوف ألوف من الأدلة القاطعة على توحيد الله جل شأنه. وكلما توسع العلماء فيه واكتشفوا شيئا جديدا ازدادت تلك الأدلة، وعلم أن ما من ذرة في هذا البدن وأقل من ذرة إلا وفيها أمر مقصود مدبر عن علم.
فكيف يقرأ ذلك الكتاب قارئ ويجرأ على إنكار القصد والإرادة والتدبير والتقدير والعلم لخالق هذا البدن العجيب الصنع. ألا يكون القارئ مكذب حسه، ومنكر نفسه.