أنواع التحذير، وألقيت وفيها الأشعار في أبواب الخلافة، فمن ذلك:
قل للخليفة مهلا * أتاك ما لا تحب ها قد دهتك فنون * من المصائب غرب فانهض بعزم وإلا * غشاك ويل وحرب كسر وهتك وأسر * ضرب ونهب وسلب وفي ذلك يقول بعض شعراء الدولة المستعصمية من قصيدة أولها:
يا سائلي ولمحض الحق يرتاد * أصخ فعندي نشدان وإنشاء واضيعة الناس والدين الحنيف وما * تلقاه من حادثات الدهر بغداد قتل وهتك وأحداث يشيب بها * رأس الوليد وتعذيب وأصفاد كل ذلك وهو عاكف على سماع الأغاني، واستماع المثالب والمثاني.
وفي تلك الحال وصل السلطان (هولاكو) بغداد، وكان من القتل الفضيع الذي لا يوصف، حتى جرى نهر دجلة بدل الماء دما.
وكان المتوكل العباسي كلفا بشرب الخمر والغنى واللهو والطرب، وكان مجلس الخلافة لا يخلو ليلة من تلك الفظائع والفجائع. وكان من جملة ندمائه (عبادة المخنث) كان يحضره في الطرب ويشد على بطنه تحت ثيابه مخدة، ويكشف رأسه وهو (أصلع) ويرقص بين يدي المتوكل، والمغنون يغنون قد أقبل الأصلع البطين خليفة المسلمين، يحكي بذلك عليا عليه السلام والمتوكل يشرب ويضحك، ففعل ذلك يوما و (المنتصر) ابنه حاضر، فأومأ إلى عبادة يتهدده، فسكت خوفا منه، فقال المتوكل ما حالك فأخبره.
فقال المنتصر: يا أمير المؤمنين إن الذي يحكيه هذا الكلب ويضحك منه الناس هو ابن عمك وشيخ أهل بيتك وبه فخرك، فكل أنت لحمه إذا شئت، ولا تطعم هذا الكلب وأمثاله منه. فقال المتوكل: للمغنين غنوا جميعا.