مرضية) كان الجدير أن تعصم من الرذائل المزرية بها.
ولعل العجب يأخذك إذا قلت لك إن الإنسان يظلم نفسه أكثر مما يظلم غيره، لأن كل إنسان يحس ويحسب أن نفسه أحب إليه من غيره، ولا أرى أحدا يقر بأنه عدو نفسه، لكنك إذا تدبرت هذا الأمر قليلا تبينت لك حقيقته من أبرز مواطن الضعف التي فطر عليها الإنسان أنه إذا غلبته شهوة من الشهوات انقاد لها كل الانقياد، لا يبالي بما يصاب لأجلها من الضرر في نفسه سواء أكان يشعر بذلك أو لا يشعر.
ترى رجلا قد افتتن بالسكر يعمى في سبيله ويتحمل لأجله المضرات الفادحة في صحته ونفسه وماله وعرضه. وترى رجلا غيره قد أولع بلذة الطعام يأكل كل ما يجد من نافع أو غير نافع، ويعرض نفسه للهلاك في سبيله. وترى رجلا ثالثا صار عبدا لشهواته النفسية، يأتي بأعمال تجره إلى الهلاك جرا.
وترى رجلا رابعا قد أهمته نجاة نفسه، فانقطع إلى تزكيتها وترقيتها يناصب نفسه العداء، ويريد أن يدرس كل ما تتطلع إليه من اللذائذ والشهوات ويأبى أن يحقق حاجاتها، ويجتنب الزواج، ويأنف الأكل والشراب، ويجانف اللباس ويبغضه، حتى أنه لا يكاد يرضى بالتنفس في هذه الدنيا المليئة بالمآثم في نظره، فيأوي إلى الغابات والكهوف، ويظن أن هذه الدنيا ما بنيت له.
هذه أمثلة قليلة لتطرف الإنسان في هذه الدنيا، وإلا ففي حياته صور عديدة لهذا التطرف نشاهدها بين كل آونة وأخرى.
وبما أن الشريعة الإسلامية تريد فلاح الإنسان وسعادته، فهي تنبهه إلى الحقيقة الثابتة. وتنبهه بأن للنفس حقا كما جاء في قول الإمام عليه السلام: (إن لنفسك عليك حقا). فهي تمنعه عن كل شئ يضره، كالخمر والحشيش والأفيون وغيرها من الأشياء المسكرة. وعن الميتة والدم ولحم الخنزير وغيره