ومعرفة الأمور. ولا ينبغي أن تمنعه عزة السلطان من إيناس المستشار به، وبسطه واستمالة قلبه، حتى يمحضه النصيحة، فإن أحدا لا ينصح بالقسر، ولا يعطي نصيحته إلا بالرغبة. وما أحسن قول الشاعر في هذا المعنى:
أهان وأقصى ثم يستنصحونني ومن ذا الذي يعطي نصيحته قسرا قال الله تعالى: (وشاورهم في الأمر). وكان رسول الله (ص) يشاور أصحابه دائما.
لما كانت وقعة بدر، خرج (ص) من المدينة في جماعة من المسلمين، فلما وصلوا بدرا نزلوا على غير ماء، فقام إليه رجل من أصحابه، وقال:
يا رسول الله نزولك ها هنا شئ أمرك الله به أو هو من عند نفسك؟ قال: بل هو من عند نفسي، قال: يا رسول الله إن الصواب أن ترحل وتنزل على الماء فيكون الماء عندنا فلا نخاف العطش، وإذا جاء المشركون لا يجدون ماء فيكون ذلك معينا لنا عليهم. فقال رسول الله (ص): صدقت، ثم أمر بالرحيل ونزل على الماء. قال (الطقطقي - في الآداب السلطانية -:
(اختلف المتكلمون في كون الله تعالى أمر رسوله بالاستشارة مع أنه أيده ووفقه، وفي ذلك أربعة وجوه.
أحدها:
أنه (ص) أمر بمشاورة الصحابة استمالة لقلوبهم وتطييبا لنفوسهم.
الثاني:
أمر بمشاورتهم الحرب، ليستقوى له الرأي الصحيح فيعمل عليه.
الثالث:
أنه أمر بمشاورتهم لما فيها من النفع والمصلحة.
الرابع: