" هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين ".
هذا الحب الذي بسره صرنا نحب أطفالنا وأزواجنا وآباءنا وأمهاتنا، والأهل والإخوان والخلان والجيران، وكل أخ لنا في الإنسانية، بل الحيوان الأعجم الضعيف الذي نأس عليه إذ رأيناه يفقد عشيره أو صغيره، حتى نكاد نبكي عليه من الرحمة هذا الحب الذي خلق الله منه الجمال كله، وفي خدمته صنع الإنسان الجميل كله، من الشجاعة إلى الكرم إلى الزهو والخيلاء، إلى الأناقة إلى الظرف إلى الترف إلى الحداء والغناء إلى الشعر والنحت والتصوير وهو يظن بهذا كله أنه يتعبد الحب والحبيب من غير أن يدري أنه في أعماق نفسه إنما يتعبد الذي خلق فيه السر العجيب...
فالأوقات المملوءة بالمحبة هي أوقت الياقوت وأيام الأمل، تشابه عود الزمرد، والأزمان التي تمضي بالصداقة تحاكي الفيروز، والأعمار التي تنقضي بالوئام والاتحاد تكون كاللآلئ فهذه النفائس بعد أن يمضي وقتها، وبعد أن تتزين بها النحور، يجب أن تصان في محافظ قيمة، يجب أن يعنى بشأنها لئلا يصيبها أذى أو يعتورها فساد أو يلحقها غبار ينقص ويقلل من شأنها، فإذا ما انقضى ربيع الحياة ومضت أنوار العمر وذبلت أزهار السرور والبسمات. فإن إخراج هذه النفائس من مكامنها للتملي بمشاهدتها، وإعادة الذكريات الحلوة برؤياها، وتجديد خواطر الصبا بواسطتها، سعادة يا لها من سعادة.
قرر الإسلام لكل من الزوجين حقوقا راعى فيها ما بينهما من مميزات وفوارق طبيعية واجتماعية، فقد خلق الرجل على الجملة أقوى جسما وأصلب