مثل الصيرفي النقاد، محكه أمامه لا يبذل دينارا ولا درهما قبل الحك والوزن والنقد، أخذا بالعوض عنه ما يعادله أو يزيده قيمة، ولا يدخل عليه شيئا إلا بعد النقد المذكور.
وقد قالت الشعراء ما ليس بالقليل في هذا المعنى فلنذكر طرفا منه:
واحفظ لسانك واحترز من لفظه فالمرء يسلم باللسان ويعطب وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن ثرثارة في كل ناد تخطب كمثال جاهلة تطوف بليلها مكثارة في كل واد تحطب * * * ومنه: إن كان منطق ناطق من فضة فالصمت در زانه ياقوت ما عيب ذو صمت ولا من ناطق إلا يعاب ولا يعاب صموت * * * ومنه: أنطق بحيث العي مستقبح واصمت بحيث الخير في سكتتك الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب زعم ابن سلمى أن حلمي ضر بي ما ضر قبلي أهله الحلم إنا أناس من سجيتهم صدق الحديث ورأيهم حتم لبسوا الحياء فإن نظرت حسبتهم سقموا ولم يمسسهم سقم إني وجدت العدم أكبره عدم العقول وذلك العدم والمرء أكثر عيبه ضررا خطل اللسان وصمته حكم علي بن هشام لعمرك أن الحلم زين لأهله وما الحلم إلا عادة وتحلم إذا لم يكن صمت الفتى من بلادة وعي فإن الصمت أهدى وأسلم