أنه إنما أمر بمشاورتهم ليقتدي به الناس، وهذا عندي أحسن الوجوه وأصلحها).
وقرأت نكتة ملذة ذكرها العلامة (الشيخ محمد جواد مغنية). قال (قال الورثاني (وهو من فقهاء السنة) للشيخ المفيد: (أليس من مذهبك أن رسول الله (ص) كان معصوما من الخطأ، مبرءا من الزلل، مأمونا عليه من السهو والغلط، كاملا بنفسه غنيا عن رعيته؟.
قال المفيد: بلى، كذلك كان رسول الله (ص).
قال الورثاني: فما تصنع بقوله تعالى: (فشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) وإذا أفقره الله إلى أصحابه، وأمره بالاستعانة بهم، فكيف يصح لك ما ادعيت مع ظاهر القرآن؟!
قال المفيد: إن رسول الله (ص) لم يشاور أصحابه، لفقره إلى آرائهم ولا لحاجة دعته إلى مشورتهم، كما ظننت وتوهمت، كيف والنبي أكمل الخلق باتفاق أهل الكلمة، وأحسنهم رأيا، وأوفرهم عقلا، وأكملهم تدبيرا وكانت الملائكة تتواتر عليه بالتوفيق من الله عز وجل، بالأنباء له عن المصالح ومن كانت هذه صفته لا يستشير من هو دونه، لأن الكامل لا يفتقر إلى الناقص ولا العالم يحتاج إلى الجاهل.
ثم قال الشيخ المفيد للورثاني: أما الآية التي استدليت بها، وهي (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) فإنها حجة عليك لا لك، لأن الله أمره أن يفعل متى عزم هو، لاحين يشيرون عليه، فعلق وقوع الفعل بعزم النبي لا بمشورة الأصحاب، ولو كان الأمر على ما زعمت وادعيت لقال له: فإذا أشاروا عليك فاعمل بمشورتهم، وإذا اجتمعوا على رأيي فأمضه..
وإن قال قائل: إذن ما الغاية من المشورة؟ قلنا في جوابه: إن الغاية