في خلاف آرائهن. فإذا أشكل عليكم الصواب فشاوروهن، فإذا ملن إلى شئ فاعلموا أن الصواب في خلافه.
وفي هذا تظهر فائدة الأمر بمشاورتهن، (يعني بها يستدل على الصواب) وحدث أن عضد الدولة (فنا خسروبن بويه) شغفته امرأة من جواريه حبا، وغلبت عليه، فاشتغل بها عن تدبير المملكة، حتى ظهر الخلل في مملكته، فخلا به وزيره، وقال له: أيها الملك إن هذه الجارية قد شغلتك عن مصالح دولتك، حتى لقد تطرق النقص عليها من عدة جهات، وما سبب ذلك إلا اشتغالك عن إصلاح دولتك بهذه الأمة، والصواب أن تتركها وتلتفت إلى إصلاح ما قد فسد من مملكت. قال: فبعد أيام جلس عضد الدولة على مشترف له على دجلة، ثم استدعى الجارية فحضرت، فشاغلها ساعة حتى غفلت عن نفسها، ثم دفعها إلى دجلة فغرقت، وتفرغ خاطره من حبها واشتغل بإصلاح أمور دولته، فاستعظم الناس هذا الفعل من عضد الدولة ونسبوه فيه إلى قوة النفس، حين قويت.
ومنها (الانهماك في اللذات وسماع الأغاني وقطع الزمان بذلك): قال (أبو الفتح البستي):
إذا غدا ملك باللهو مشتغلا * فاحكم على ملكه بالويل والحرب أما ترى الشمس في الميزان هابطة * لما غدا وهو برج اللهو والطرب وممن دخل النقص عليه من السلاطين بسبب اللهو واللعب (محمد بن زبيدة الأمين) كان كثير اللهو واللعب منهمكا في اللذات.
ذكر المسعودي في (مروج الذهب) عن إبراهيم بن المهدي قال: استأذنت على الأمين يوما وقد اشتد الحصار عليه من كل وجه (من قبل جيش المأمون) فأبوا أن يأذنوا لي بالدخول عليه إلى كاثرت، ودخلت فإذا هو قد تطلع إلى دجلة بالشباك