العلل الكبيرة في بابه.
* * * ومن يتأمل في تركيب اليد والرجل وفائدتهما الكبرى، تنجلي له حكمة الخالق القدير سبحانه وتعالى الذي أتقن كل شئ خلقه، ويظهر له سر استعراض الإمام عليه السلام للرجل بالذكر، وأن لها حقا كغيرها من الأعضاء - التي سبق ذكرها - تستوجب أن توضع في محلها وأن لا تستخدم في غير ما جعلت من أجله.
فالرجل لم تجعل لركوب الإثم. ولم تخلق لارتكاب الخطأ وإنما جعلت وخلقت ليمشي بها لقضاء المصالح الإنسانية المعقولة ولسلوك سبيل الخير والدين والتقوى. قال رسول الله (ص): (من مشى في حاجة أخيه المسلم كتب الله تعالى له بكل خطوة سبعين حسنة ومحا عنه سبعين سيئة إلى أن يرجع من حيث فارقه، فإن قضيت حاجته على يديه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وإن هلك فيما بين ذلك دخل الجنة بغير حساب). وقال (ص):
(لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجة أفضل من أن يعتكف في مسجدي شهرين).
لا تسع بقدميك إلى ما حرم الله بل اجتهد أن يكون لك قدم خير وصدق في العالمين حتى تفوز برضاء الخلق والخالق. يقول الله تعالى:
(وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم).
هذا هو حق الرجل الذي يجب أن يوفى. أما أننا نستطيع أن نملك زمام أنفسنا فنقودها إلى حيث الخير، أو أن الزمام يفلت وتخرج من أيدينا المقادة فتشهد علينا عند ذاك أيدينا وأرجلنا بما سعينا بها في طريق المضرة والفساد.
(يوم تشهد عليهم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون).