وذلك العصب لو كان بارزا لأضر به الهواء البارد فيخرج من حد الاعتدال بملاقاة أدنى برودة، لأن طبعه بارد، فيجعل كامنا في الدماغ لهذا المعنى، وقد جعل مجراه مفتوحا أبدا ليصل إليه الهواء المقروع دائما فيسمع ما يشاء وما لم يشاء.
ولما كان فتحته سعة، وكان متعرضا لآفات البرد والغبار ومصادمة الهواء المقروع بعنف، كالرعد والصيحة العظيمة جعل مجراه ذا عطفات وتعاريج على هيئة (اللولب) لئلا يصل الهواء إلى السمع دفعة واحدة، بل يبقى في العطفات ويرد على السمع شيئا فشيئا، وتسكن شدته في التعاريج فيفهم بالتأني وجعلت على مجراه صدفة ناشزة لرد الصوت إلى الثقبة وتمنعه من الانتشار، وخلقت من الغضروف لأن الغضروف موافق لقبول الصوت.
كيفية السمع:
تحدث الأصوات الخارجية في الهواء تموجات مناسبة لشدتها، فوظيفة الأذن الخارجية جميع التموجات الصوتية وتوصيلها من القناة السمعية الخارجية إلى الغشاء الطبلي فيهتز اهتزازات مناسبة لها، وتصل هذه الاهتزازات إلى الأذن الداخلية بواسطة العظيمات السمعية إذ تتصل الأولى منها وهي المطرقة بالغشاء الطبلي، والأخيرة وهي الركاب بالدهليز عند الكوة البيضية، فتسري هذه الاهتزازات في السائل التيهي وتحدث به تموجات مناسبة لها فتنبه أطراف الألياف العصبية المغمورة فيه، وتنقل هذه الألياف ما تشعر به أطرافها إلى المراكز السمعية في المخ لتمييزها، وعند ذلك تدرك الأصوات المختلفة وتتعرف اتجاهاتها.