ومن العجب أن هذه العقوبة سيف يقطع من جانبين، فإن المرأة وإن كان لها أن تقيم الدعوى على زوجها الغادر وتنال من المحكمة حكم تفريقها منه، ولكن لا يجوز لها بموجب القانون المسيحي أن تنكح رجلا آخر طول حياتها. وكذلك أن الرجل وإن كان له أن يقيم الدعوى على زوجته الغادرة ويتخلص منها أمام المحكمة، ولكن لا يبيح له القانون المسيحي أن ينكح بعدها امرأة أخرى طول حياته. ومعنى ذلك أن كل من أحب من الزوجين أن يحيى في الدنيا حياة الرهبان والراهبات فعليه أن يشكو إلى المحكمة غدر شريكته - أو شريكها - في الحياة ويطلب منها التفريق بينهما.
إن القوانين الغربية اليوم - وهي التي تتبعها معظم بلاد المسلمين في هذا الزمان - إنما تقوم على هذه التصورات المختلفة، فالزنا في نظرها وإن كان عيبا أو رذيلة خلقية أو ذنبا، ولكنه ليس بجريمة على كل حال. وأن الشئ الوحيد الذي يحوله إلى الجريمة هو الجبر والاكراه لا غير، أي أن يجامع الرجل المرأة بدون رضاها. أما الرجل المتزوج فإن كان ارتكابه لفعلة الزنا سببا للنزاع والشكوى، فإنما هو كذلك لزوجته وحدها، فلها - إن شاءت - أن تطلب من المحكمة تخليصها منه. وأما إذا كانت المرتكبة للزنا امرأة متزوجة فما لزوجها أن يشكوها إلى المحكمة ويطلقها فحسب، بل له كذلك أن يشكو إلى المحكمة ذلك الرجل الذي ارتكب الزنا بزوجته وينال منه غرامة مالية.
3 - وجهة نظر الإسلام في باب الزنا:
أما القانون الإسلامي: فإنه على العكس من جميع هذه التصورات يقرر الزنا - من حيث هو - جريمة مستلزمة للمؤاخذة والعقوبة، ويغلظ في نظره شدة هذه الجريمة أن يرتكبها رجل متحصن من امرأة متحصنة بالزواج لا على