قال رجل لرسول الله (ص): " إن أبوي بلغا من الكبر، وإني ألي منهما ما وليا مني في الصغر، فهل قضيتهما حقهما. قال (ص): لا فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقائك، وأنت تفعل ذلك وأنت تريد موتهما ".
ومن حسن المصاحبة للأبوين الإنفاق عليهما طعاما وشرابا، ومسكنا ولباسا، وما إلى ذلك من حاجات المعيشة، إن كانا محتاجين، بل إن كانا في عيشة دنيا أو وسطى، وكنت في عيشة ناعمة راضية فارفعهما إلى درجتك أو زد، فإن ذلك من الإحسان في الصحبة. واذكر ما صنع يوسف مع أبويه وقد أوتي الملك إذ رفعهما على العرش بعد أن جاء بهما من البدو.
ومن حسن الصحبة بل جماع أمورها ما ذكره الله بقوله: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " فامنع عنهما لسان البذاءة، ولو بالهنات الصغيرة، وجنبهما أنواع الأذى، وألن لهما قولك، واخفض لهما جناحك، وذلل لطاعتهما نفسك، وأذك في روحك العطف عليهما، والرحمة بهما ورطب لسانك بالدعاء لهما من خالص قلبك وقرارة نفسك، وقل: رب ارحمهما كما ربياني صغيرا، ولا تنس زيادة العناية بالأم، عملا بإشارة الوحي ومسايرة لمنطق الحديث. وقد استنبط جمهور الفقهاء من الحديث تقديم الأم على الأب في النفقة إذا كان مال الولد لا يتسع إلا لواحد منهما وقيل إنهما سواء.
* * * قال رسول الله (ص): " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه ".