فالمعدة مثلا تعمل غير ما يعمل الكبد، والكبد يعمل غير ما يعمل الطحال، وكل منها لازم للآخر ولنفسه.
والجميع يعمل لغاية واحدة، وهي حفظ الكل، والكل ضروري لحياة الإنسان التي لولاها لفقد وأصبح في عالم الأموات.
فسبحان الذي أودع في جسم الإنسان من العجائب والأسرار ما دل على قدرته وعظمته، واعترف العالم بوحدانيته وأزليته.
فالبطن التي جعلها الله لكي يقيم بها الإنسان أوده ويقوم صلبه، وإقامة الأود لا تكون في عرف الشرع إلا عن الطريق المشروع المباح، ليس لنا أن نملأها مما حرم الله، لأن الله قد أحل لنا كثيرا من الطيبات في وسعنا تناولها، فالانحراف عنها إلى ما حرمه الله خطيئة وإثم كبير.
وليست البطن أداة للترف، وليست موضوعة للامتلاء والشحن كما يتصورها البعض.
وهنا يلفت الإمام عليه السلام أنظارنا إلى أن في الشبع ضررا بليغا من الصعب تحمله، فضلا عن أن فيه نقصا للمروءة وتقليلا من القوة الفكرية التي يتمتع بها الإنسان في أوقات عدم الامتلاء الشديد.
يقول الرسول الأعظم (محمد ص): (لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب، فإن القلوب تموت كالزرع إذا كثر عليه الماء). وقوله (ص):
(ما ملأ ابن آدم وعاءا شرا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان فاعلا لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه).
وقد نهت العرب وأطباؤهم عن الإفراط في الأكل، فقال بعض الحكماء:
(البطنة تذهب الفطنة وتجلب الداء العضال). وقيل: كثرة الأكل تقسي القلب، وتكثر النوم والكسل عن العبادة، وتكثر الشهوة وتضعف البصر.