عهد الأبوة والأبوة كلها * حلم يريح من العناء المفزع رغد من العيش الهني ورقدة * غرقت بها نفسي ولما تهجع روح لذيذ أنقي في ظله * حري وبردي لاهيا بتمتعي حقل خصيب بالأماني لم أزل * كالطير ألهو في ثراه وأرتعي قلب جهلت حنانه بطفولتي * وعرفته من قلبي المتصدع وتر أهز شعوره بعواطفي * فيثور في تياره المتدفع ما كنت أشعر بالمتاعب كلها * حتى تنائي لحنه عن مسمعي جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال: " يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك قال: ثم من؟ قال: أبوك ".
هذا الحديث يدل على أن لكل من الأبوين حقا في المصاحبة الحسنة والعناية التامة بشؤونه " وصاحبهما في الدنيا معروفا " ولكن حق الأم فوق حق الأب بدرجات، إذ لم يذكر حقه إلا بعد أن أكد حق الأم تمام التأكيد، بذكرها ثلاث مرات. وإنما علت منزلتها منزلته مع أنهما يشتركان في تربية الولد، هذا بماله ورعايته، وهذه بخدمته في طعامه وشرابه، ولباسه وفراشه و... " لأن الأم عانت في سبيله ما لم يعانيه الأب. فحملته تسعة أشهر وهنا على وهن، وضعفا إلى ضعف، ووضعته كرها، يكاد يخطفها الموت من هول ما تقاسي. ولكم كان بدء الحياة لوليد نهايتها لأم رؤوم، وكذلك أرضعته سنتين، ساهرة على راحته، عاملة لمصلحته، وإن برحت بها في سبيل ذلك الآلام، وبذلك نطق الوحي " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا، حملته أمه كرها، ووضعته كرها، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ". فتراه وصى الإنسان بالإحسان إلى والديه ولم يذكر من الأسباب إلا تعانيه الأم إشارة إلى عظم حقها