بشرا سويا يعالج الحياة وتعاني من جبروته ما تعاني!
ونحن ننشئ المعاهد ونمد بها أنهار المعرفة لتروى بها مواهب الإنسان كما تروى العيدان في الحقول! فهل هذا التعليم هو الذي يصوغ الناشئة ويهيئ لها أطوارا أرقى من سابقتها؟
إن العلم حياة القلوب، وضياء العقول، وحاجة المرء إلى العلم كحاجة عينيه إلى الضوء، غير أن فنون العلم وحدها لا تتدرج بالحياة إلى آفاق أعلى ما لم تصاحبها وسائل أخرى تغير من طبائع المتعلمين أنفسهم حتى تتيح لهم الإفادة مما يتعلمون.
وفي الحديث: أن النبي (ص) قال: " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها فتية قبلت الماء فأنبتت الكلاء والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلاء. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ".
والحديث واضح في أن العلم وحده لا يخلق أمة متساوية الأنصبة في حقائق الخير والتقى، ولا في أسباب الفلاح والرشد.
والمثل الذي ضربه النبي (ص) لاستفادة الخلائق من رسالته عد أصنافا من الطبائع التي يحسن أن نشرحها.
فأولاها بالله ألصقها بالحق وأجدرها بالتوفير والمثوبة... أولئك الذين علموا وعملوا وعلموا، إنهم استناروا بالمعرفة الصحيحة وأناروا الدنيا بها!!
أخصبت نفوسهم بالخير المغروس فيها فأزهرت وأثمرت، ثم امتدت الأيدي إلى جناها الداني تقطف منه ما تشتهي.. أولئك دعائم الرشد في كل