أما القضيب:
هو جسم مجموع من أربطة وأعصاب وعروق ساكنة وضاربة، أغلظه عند عظم العانة، ثم يدق تدريجا إلى القطعة اللحمية المعروفة بالكمرة، وهي تستر ثقوبا ثلاثة أسفلها يتصل بالمثانة يجري فيه البول، وأعلاها بالأنثيين يترقى منه الماء، وبينهما ثالث يخرج منه الريح في النادر وهو أضيقها، وباقي الرطوبات - كالمذي - من مجرى المني على الأصح، وانتشار هذا العضو بحسب ما يدخل في أصوله من البخار الحار، ولذلك تضعف قوته في عاجز القوى والمبرود وأما منفعته فلأن يكون آلة في زرق المني إلى قعر الرحم، ولذلك خلق جوهره رباطيا ليكون شديد الانتصاب عند انتشاره، وينزرق المني منه إلى قعر الرحم انزراقا تاما، غير أنه لما كان قريبا من محل البول - الذي هو المثانة - جعله الصانع مجرى له، وخلق جوهره رباطيا لأن هذا الجوهر أوفق له من باقي جواهر الأعضاء.
أما العظام فإنها لم تصلح لذلك، لأنها غير مواتية للانتشار والانتصاب تارة والاسترخاء والانحناء أخرى. وأما اللحم فكلا نوعيه غير موات لشدة التوتر والانتصاب المحتاج إليهما في زرق المني، فأما الأعصاب فإنها وإن كانت صلبة غير أن صلابتها لم تكف في ذلك. وكذلك الكلام في الأوتار وفي الأوردة والشرايين، فلما سبق في علم الصانع (تعالى ذكره) ذلك خلقه من الجوهر المذكور، وصار نباته من عظمي العانة لأنه مكان مستور يغطى بالخاصرتين والفخذين، ولأنه يقابل به الرحم، وجعل موضعه هذا الموضع لأنه لو أنزل قليلا لزاحم مخرج الأثقال عند انتصابه ومنعها من الخروج على ما ينبغي، ولو كان مائلا إلى فوق لم يتأت نباته على ما ينبغي، ولو كان ضعيف الانتصاب