المخ فيدركها. ولكن إن قلت كيف ينقل عصب العين تأثيرها إلى المخ، وما معنى أنه يدركها وهو مادة جامدة لا ميزة لها على أي مادة عضوية على قول الماديين. عجز أكبر علماء المادة عن الجواب.
أما الحقيقة: إن العين آلة للإبصار، ولكن المدرك للأشياء في حقائقها هو الروح أولا، فها هو الميت له عين ترسم المرئيات على شبكيتها، ومخ لا يفترق في مادته عن مادة مخ الرجل الحي فلماذا يدرك ولا يتعقلها؟ أليس لأن الروح قد زايلته فصار لا يعي ولا يبصر؟.
على أنه قد ثبت أن المنوم نوما مغناطيسيا يبصر الأشياء وهو مقفل العين، بل ويبصرها من قفاه ومن خلال الحجب، بل ومن بلاد بعيدة، فما الذي أدركها فيه، وعينه معطلة؟ أليس هذا دليل محسوس على أن المدرك للمرئيات هو الروح دون الجسد.
البقعة العمياء والشائبة الصفراء:
(إن حساسية الشبكية ليست متساوية في كافة أنحائها فالحساسية تكون مفقودة تماما في المنطقة الواقعة في مفترق ألياف العصب البصري، إذ تكون خالية من العصي والمخاريط وتسمى بالبقعة العمياء، لأن أشباح الأجسام التي تقع على هذه المنطقة لا ترى أبدا، على أنها تكون على أشدها في بقعة منخفضة صفراء اللون ولذلك تدعى بالشائبة الصفراء، ويكون موضعها على سطح الشبكية من الداخل بموازاة الحدقة تماما، وتبلغ مساحتها نحو مليمتر مربع واحد، وتكون فيها المخاريط والعصي أشد ازدحاما من أي بقعة أخرى. لذلك فالصور الواقعة على هذه المنطقة - كما يحدث في العين السليمة - ترى بوضوح كلي، لأن الأشعة الضوئية تتلاقى جميعها في هذه البؤرة، ولكن لا يحدث ذلك إذا