إلى طراز آخر، كما كان طراز ما درجنا عليه بالتطبع قبل خمسين عاما وهو جيل كبير، قد تحول في نفوس أبنائنا إلى طراز خير من طرازنا في كثير من وجوهه، فليس لنا أن نكره أبناءنا على ذلك الطراز ليتخلقوا به فنركسهم إلى الوراء والركب يستقبل الأمام.
ربما كان لنا حق في أن نقسرهم على أخلاقنا الكريمة إذا لم يكن بين أيديهم إلا أخلاق السوء تذهب شوائب الجيل الحديث بهم مذاهب شتى لا يستقرون فيها على حق ولا يطمئنون إلى حياة، حينئذ فقط عليها أن نكرههم ما استطعنا أو أن نقنعهم على الأصح بأن ما استدبروه من حياة خير لهم مما يستقبلون وأن ماضي آبائهم في خشونته واستقراره خير لهم من حاضرهم في نعيمه وقلقه وانهياره أذكر من سجايانا الطيبة أن للجار على جاره حقا لا يقل عن حق القريب على قريبه. فإذا نزل جار في حي واحد منا كان على هذا أن يؤلم له ويدعو أهل الحي ليتعرفوا به، وأن الجار يتفقد جاره أبدا، ويتعهده بكرم الجوار وحسن الأحدوثة حتى لا يشعر بغربة أو وحشة في جواره، هذا قبل خمسين عاما، أما اليوم فقد ينزل الرجل في جوار آخر، ويكون بابه محاذيا لبابه، وتمر بالجار الجديد أيام وأسابيع وأشهر وقد يمر به أعوام ويلتقي به مرارا على بابه أو سلم البناء الذي يشتركان فيه ثم لا يتحسس منه ولا يتعرف إليه فضلا عن أن يؤلم له أو يحدب عليه.
ومن تراثنا القديم الحسن أن النساء متعففات جالسات في حدود الحشمة والوقار والحرص على الكرامة وإذا وقع الاختلاط في ندرة من الوقت لم يكن الرجل ليتبين في جليسته غير وجهها ويديها دونما تبرج في زينة أو زي، بينما تحول هذا في أبنائنا إلى كثير من التبرج الذي يشبه التهتك والخلاعة.
وقلما أجد اليوم رجلا يود الاجتماع بامرأة، والحديث إليها بريئا من