والوطن، ليس لسائر هذه المعاني من حساب في ميزان الله، إنما هنالك ميزان واحد تتحدد به القيم، ويعرف به فضل الناس: " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " والكريم حقا هو الكريم عند الله. وهو يزن عباده عن علم وعن خبرة بالقيم والموازين على السلطان أن يكون رحيم القلب لين الجانب رقيق الطبع، إلا في الحق فلا رأفة ولا رحمة.
كما عليه أن يتصف بالأناة والتبصر دون الإسراع إلى ما لا تحمد عقباه.
وبالتالي: على السلطان أن يكون شاكرا لأنعم الله، إذ عنده من النعم أكبرها وأجلها وهو نعمة السلطة والإمرة، فعليه أن يقابلها بالشكر والطاعة والإخلاص في أمر الرعية وتنفيذ مطالبها وأداء ما افترضه الله عليه من حقها.
فمن ذلك حماية البيضة وسد الثغور وتحصين الأطراف وأمن السبل وقمع الدعار.
فهذه حقوق تلزم السلطان تجري مجرى الفروض الواجبة. وبهذه الأمور تجب طاعته على رعيته.
ومنها الرفق بهم:
والصبر على صادرات هفواتهم. قال رسول الله (ص): " ما كان الرفق في شئ إلا زانه، ولا كان الخرق في شئ إلا شانه " وقال (ص): " من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير كله، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير كله ". وقال (ص): " ما من عمل أحب إلى الله تعالى وإلى رسوله من الإيمان بالله والرفق بعباده، وما من عمل أبغض إلى الله تعالى من الإشراك بالله تعالى والضغط على عباده ".