فأرسلنا عليهم سيل العرم، وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل. ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور).
فالشكر من الدعائم لسعادة الأمم، والتنكب عنه لا يجلب غير الدمار والخراب، حبذا لو فهمته الشعوب وعملت به لتحصل على السعادة التي تنشدها وهي عنه غافلة.
وهنا نادرة طريفة أقصها:
(حدث التاريخ أن السلطان (سنجر السلجوقي، مر في طريق وهو في موكب سلطنته، وكان في الطريق درويش من أهل الفقر فسلم على السلطان فلم يرد عليه جواب التحية بلسانه بل حرك رأسه بدل الجواب. فقال الدرويش أيها الملك إن الابتداء بالتحية مستحب وجوابها واجب، وأنا قد أديت المستحب فلم لا تؤدي الواجب. فأمسك السلطان بعنان مركبه وأخذ يعتذر من الدرويش بأنه كان مشغولا بالشكر فغفل عن جواب التحية. فقال الدرويش للسلطان لمن كنت تشكر. فقال: لله الذي هو المنعم على الإطلاق، وما نعمة إلا وهي منه، ولا عطاء إلا من قبله. فقال الدرويش: بأي نوع كنت تشكره فقال: بكلمة (الحمد لله رب العالمين) فإن فيها شكر سائر النعم. فقال الدرويش: أيها السلطان ما أجهلك بطريق الشكر الواجب عليك، إن ما جب عليك من هذا الأمر هو مقدار ما أفاض عليك المنعم وأردف عليك عطاياه الغير المتناهية من اقتدار أيامك وسعة زمانك، فليس الواجب عليك قول الحمد لله فإن الشكر من السلطان إنما يقع موقع القبول ويستزاد به النعمة إذا وقع منه على كل نعمة عنده بما يناسبها. فالتمس السلطان منه أن يعلمه ذلك، فقال له: شكر السلطان هو العدل والإحسان مع عامة العباد، وشكر سعة ملكه عدم الطمع في أملاك رعيته، وشكر ارتفاع عرشه وإقباله الالتفات إلى