وخفض الجناح. وقد كان النبي (ص) يعلم أصحابه أن يعاملوا أولادهم بالرفق واللين، ويضرب لهم المثل بما يمارسه بنفسه، فقد كان يصلي يوما، إماما فارتحله ابنه الحسين (عليه السلام) وهو ساجد فأطال السجود، فلما فرغ قالت الصحابة يا رسول الله أطلت السجود فقال (ص): " إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله ".
وقبله يوما وهو طفل، فقال رجل من الأعراب وكان حاضرا: أتقبلون أبناءكم إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم. فقال رسول الله (ص): " أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك " (أي ما أستطيع أن أفعله معك وقد غاض نبع الرحمة من قلبك). وغضب معاوية على ابنه يزيد فهجره، فاستعطفه له الأحنف قال له: " يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم سماء ظليلة وأرض ذليلة، فإن غضبوا فأرضهم وإن سألوا فأعطهم، فلا تكن عليهم قفلا فيملوا حياتك ويتمنوا موتك ".
5 -: وما هو ضروري، أن يحبب الآباء أبناءهم في اختيار الأصدقاء الأخيار ومزاملة أصحاب الخلق الفاضل، فإن الأطفال يحاكي بعضهم بعضا، ويتشبه كل بالآخر.
ولنختم هذا الفصل بعرض النموذج الصالح للتربية الحسنة التي حكاها القرآن عن لقمان الحكيم.
وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه:
1 -: يا بني لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم...
2 -: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن، وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير، وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا، واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون.