فلم يلتفت، ولا خفف من صلاته، وبعد أن فرغ قيل له ما ألهاك عنها: قال ألهتني النار الكبرى.
وجاء في أخبار الدول (للقرماني): إنه عليه السلام سقط ابن له في البئر، ففزع أهل المدينة لذلك حتى أخرجوه، وهو قائم يصلي في محرابه فما زال عن مكانه ولما قيل له في ذلك قال: ما شعرت لأني كنت أناجي ربا عظيما.
وحدث المجلسي في (البحار): عن الأصمعي: قال: كنت أطوف حول الكعبة ليلة فإذا أنا بشاب ظريف حسن الشمائل، وعليه ذؤابتان، وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول:
(نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الملك الحي القيوم إلهي غلقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حراسها، وبابك مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إلى برحمتك يا أرحم الراحمين. ثم أنشأ يقول:
يا من يجيب دعا المضطر في الظلم * يا كاشف الضر والبلوى مع السقم قد نام وفدك حول البيت قاطبة * وأنت وحدك يا قيوم لم تنم أدعوك رب دعاء قد أمرت به * فارحم بكائي بحق البيت والحرم أدعوك رب دعاء قد أمرت به * فارحم بكائي بحق البيت والحرم إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف * فمن يجود على العاصين بالنعم قال الأصمعي: فاقتفيت أثره فإذا هو زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام وجاء فيه أيضا: عن طاووس الفقيه، قال: رأيت علي بن الحسين عليه السلام يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبد، فلما لم ير أحدا رمق السماء بطرفه وقال:
إلهي غارت نجوم سماواتك، وهجعت عيون أنا مك، وأبوا بك مفتحات للسائلين، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد (صلى الله عليه وآله في عرصات القيامة. ثم بكى وقال:
وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك