ويغلقهما ساعة يريد، فيقطع بهما الهواء ويحبس الصوت ليتمكن من لفظ الحروف الشفوية، فلولا كل هذه المصادفات لانقلب هذا الإنسان المليح الفصيح الظريف النظيف، مسخا قبيحا مكشرا فاغرا عيا قذرا، يسيل لعابه على ذقنه وثيابه، ويزدحم الذباب على رضابه.
ولعلك تقول فما ذكر المصادفة وتكررها في المقام: فنقول: إن تكرار ذكر المصادفة في المقام هو إرادة اقتحام العقبة لأبلغ بنفسي الذروة، عقبة الشك التي يريد الله منا أن نكابد لنقتحمها، وذروة الإيمان التي يريد سبحانه منا أن نكابد لنصل إليها.
ذروة الإيمان التي يريد أن نبلغها، هي النواصي بالحق. (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين، وهديناه النجدين، فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة) (1) * * * هذا عرض مصغر عن اللسان، ولعله ما أوصلنا إلى الغرض، ويحتمل أن يكون مغمضا معقدا، لذلك ولهذا لا مندوحة لنا من البسط في المسألة فنقول:
اللسان: عضو الكلام والذوق. وهو كتلة عضلية مغطاة بالغشاء المخاطي تملأ أكثر الفم.
ووظيفته جمع الطعام الممضوغ في الفم وتوجيهه إلى الحلق والإعانة على الازدراد.
وهو موضوع في مؤخر الفم وأسفله. وله قمة متحركة في كل اتجاه.
وهو للانسان مرشد أمين ومنبه له، فمتى حكم بأن الطعم لا يوافقه تنبهت النفس واشمأزت منه وكرهت المعدة قبوله مخافة أن يهيجها أو يضر بها، أما إذا حكم بأن الطعم لذيذ، وأن المذوق نافع للبدن، فالنفس تشتهيه