وإن كان في مناسكها من المرامي الاجتماعية والأهداف السامية ما لا يخفى على المتأملين، إذ هي تهيئ للمسلمين سبل التعارف في كثير من المواضع وأضيق الجهات، وهو ما دعا إليه الله بقوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقنا كم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا).
فاعتكاف دائم بالمسجد الحرام، واتصال مستمر عند الطواف بالبيت وعند السعي فيها بين الصفا والمروة، واجتماع كلي في صعيد واحد خال من البناء حول جبل عرفات، إلى مثله أيضا ليلة واحدة في مزدلفة، حيث المشعر الحرام، إلى مثله في منى ثلاثة أيام يلتقون خلالها ذهابا وإيابا عند رمي الجمار وكل هذا من شأنه أن يوجد الألفة ويحكم روابط الأخوة بين المسلمين وييسر لهم طرق التفاهم في الرأي والتعاون في الأعمال الصالحة، وتوحيد الثقافة وتبادل المصالح والمنافع. وفي هذا يقول تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) من أجل هذا شرع الله الحج. وقال عنه رسول الله (ص): (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس لحجة مبرورة ثواب إلا الجنة). وفي حديث آخر (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه). (1) ومن طريق أهل البيت (عليهم السلام) في الموضوع أحاديث متوفرة منها:
(قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: (الحج والعمرة سوقان من أسواق الآخرة اللازم لهما من أضياف الله إن أبقاه أبقاه ولا ذنب له وإن أماته أدخله الجنة).
وقال الصادق عليه السلام: (إن لله تعالى حول الكعبة عشرين وماءة رحمة، منها