واجبهم إلى آخر رمق.
ويؤسفني أن أقرر هنا أن انتشار الفساد في الأرض لن يجئ من نشاط الشيطان بقدر ما جاء من تكاسل حملة العلم ووهن عزيمتهم.
والله عز وجل يكلف رجال العلم خاصة أن يستميتوا في إعلاء كلمته وحياطة رايته وتعليم عباده. " ما أخذ الله على الجهلاء أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا ".
" * * * قال الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام): " الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع ينعقون مع كل ناعق ".
العالم الرباني هو الملهم أو المستلهم، وقد ثبت في العلم الحديث أن من العلم ما هو ملهم كعلوم الأنبياء، ذوي المعاجز، وقد عقدت مؤتمرات في جامعة برلين لبحث إمكان العلم بطريق الإلهام، لثبوت أن جابر بن حيان لم يدرس العلوم على غير إمامه جعفر الصادق (عليه السلام)، وثبوت أن جعفرا هذا تلقى علومه عن آبائه، وثبوت أن علوم هؤلاء تقف بنسبها عند محمد، (ومحمد صلوات الله وسلامه عليه) كان ملهما.
نقل ذلك العلامة يحيى الهاشمي المجاز بعلمه من جامعة برلين. من أجل ذلك، أي أن علم الإنسان الأول إلهام، نسب الإمام هذا الإنسان بعلمه إلى ربه وجعله أسمى أنواع العلم، فالرباني هو المنسوب إلى الرب، وهو بصورة أوضح. فيما يقول ويفعل، أي أن العالم الرباني هو الذي يستعين ربه في إصابة الحق بقوله إذ يقول، وإصابة الحكمة في عمله إذ يعمل، لذلك نرى الملهمين في العلوم والفنون من رسل الحق المعبر عنهم بالأنبياء، ورسل الطبيعة المعبر عنهم بالحكماء، أقول: لذلك، أي لأن علومهم ربانية، نراهم المشرعين