وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: " إن لكل شئ قفلا وقفل الإيمان الرفق ". وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله (ص): " ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا وأحبهما إلى الله عز وجل أرفقهما بصاحبه ". وفي وصية الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) (لهشام بن الحكم) " عليك بالرفق فإن الرفق يمن والخرق شؤم، إن الرفق والبر وحسن الخلق يعمر الديار ويزيد في الرزق ". وكان آخر وصية الخضر لموسى (عليه السلام) لا تعيرن أحدا بذنب، وإن أحب الأمور إلى الله عز وجل ثلاثة: القصد في الجدة، والعفو في المقدرة، والرفق بعباد الله، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله عز وجل به يوم القيامة ".
من ضرورات الحكم الصالح المشاركة الوجدانية بين الراعي والرعية، إذ بها يستطيع الحاكم أن يتعرف على آمال المحكومين وآلامهم ومطامحهم، وأن يعي حاجاتهم ومخاوفهم، فيعمل لخيرهم ويضع كل شئ مما يصلحهم موضعه ويشعرهم ذلك برعايته لهم وحياطته لأمورهم وعمله لصالحهم، فيدعمون حكمه بحبهم وإيثارهم له ويؤازرونه في السراء والضراء على السواء. ولا يحصل شئ من هذا إذا أغلق الحاكم دونهم قلبه وأغمض عنهم عينه، إنه حينذاك لا يعرف شيئا من أمورهم ليعمل على الإصلاح، وتكون عاقبة ذلك أن يفقد حبه في قلوبهم ويشعرون بأنه شئ غريب عنهم مفروض عليهم كالحشرة الطفيلية التي تعيش على دماء الحيوان الذي تلتصق به.
وقد وضع الإمام علي أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) أسس هذا اللون من الحكم ومارسه ودعا إلى ممارسته في عهده العظيم لمالك الأشتر حين ولاه مصر.
قال " وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق