صلحت الحياة، واستقامت الصحة وحسنت الأخلاق، وإن اضطربا وتنافرا، اضطراب كل شئ في الحياة.
والعبرة في كل ذلك، بدراسة النفس، ثم بحسن سياستها وعرفان نزعاتها وما فيها من مواضع القوة ومواضع الضعف، لا سيما وإن فقه الإنسان أحوال نفسه وأنفس المحيطين به، من أهل بيئته ومن معاشريه.
وقد صنع سقراط حسنا، إذ بنى فلسفته على الحكمة الذهبية القائلة:
(اعرف نفسك) معتبرا إياها وحيا سماويا.
وللنفس عند أئمة التصوف الشأن الأكبر - في سلوكهم، وفي تربية تلاميذهم، وفي سائر علومهم ومعارفهم وأحوالهم ومقاماتهم - وهي عندهم حجر الزاوية في الموضوع، والمصباح الذي يضئ لهم سبيل الوصول إلى الله، أو الحجاب الأعظم الذي يحجب عن الوصول إليه.
وأما في التعاليم الدينية، فلها المكان الأول، وهي والقلب في تعبير تلك التعاليم معنيان مترادفان.
وأما تعريف النفس. ولنسمها الذات، لأن ذلك اسمها العلمي، فهو من معضلات المسائل بعد ذات الله وحقيقة الوجود، والكلام فيها سر من الأسرار التي لا تتحملها كل العقول.
وقد يعبر عنها في لغة الدين: بالقلب كما تقدم، أو بالروح. وفي الفلسفة: بالنفس أو الذات، وهكذا يسميها علم النفس، لأنه وليد الفلسفة:
وهي عند الجميع: مقومة الحياة، ومصدر الكفايات، كالوجدان، والوعي، والإدراك العقلي والحسي. وأما حقيقتها فمما تضاربت فيها الأفكار قديما وحديثا، - ككل حقيقة غيبية لا يعلم علمها إلا الله). (1)