أساس أنه نقض العهد أو تعدى على فراش غيره، ولكن على أساس أنه سلك لقضاء شهوته طريقا غير مشروع، على كونه متمكنا من قضائها بطريق مشروع والنظرة التي بها ينظر القانون الإسلامي إلى فعلة الزنا، هي أنها إذا أطلق عنان الناس لإتيانها متى شاؤوا، فإنها لا تلبث أن تستأصل شأفة نوع الإنسان وتمدنه معا، فمما يستلزمه الاستبقاء على نوع الإنسان وتمدنه أن تكون العلاقة بين الرجل والمرأة محدودة إلى علاقة قابلة للاعتماد عليها حسب القانون. ولا يمكن أن تكون هذه العلاقة محدودة ما دام المجال واسعا معها للعلاقة الحرة، فإن الناس إذا كان من الميسور لهم أن يقضوا شهواتهم بدون أن يتحملوا أعباء الحياة العائلية وتبعاتها، لا يمكن أن يرجى منهم مجال أن يرضوا بتحمل هذه الأعباء والتبعات لمجرد قضاء هذه الشهوات نفسها. ومثل ذلك كمثل شرط التذكرة لركوب القطار: أنه لا عبرة بشرط التذكرة لركوب القطار ما دامت للناس الحرية في ركوبه بالتذكرة أو بدون التذكرة، فإن كان شرط التذكرة لازما، فمن اللازم لجعله شرطا متأكدا مؤثرا أن يكون السفر بدون التذكرة جريمة. فمن ركب القطار ولم يأخذ التذكرة لأنه لا يملك من المال ما يأخذها به، فإنه يأتي بجريمة خفيفة، ومن ركبه بدون التذكرة على كونه غير معدم للمال فإنه يأتي بجريمة أفحش وأغلظ.
4 - التدابير الإصلاحية الوقائية في الإسلام لحفظ المجتمع من مفاسد الزنا إن الإسلام لا يعول على سلاح التعزير القانوني المحض لحفظ المجتمع الإنساني من خطر الزنا، بل أنه ليأتي لذلك بتدابير إصلاحية ووقائية على نطاق واسع، وهو إنما جاء بالتعزير القانوني كآخر حيلة لتطهير المجتمع وليس الغرض منه أن يبقى الناس يرتكبون الزنا ويجلدون وتنصب لهم الفلك ليل نهار، بل الغرض منه أن يحول دون ارتكاب هذه الجريمة حيلولة تامة