بالخرق فتكاشف بما غيبت وتقدم على ما عيبت حتى يعود نفاقها شقاقا ورذاذها سيلا بعاقا، إن غلبت وقهرت فهو الدمار، وإن غلبت وقهرت لم يكن بغلبها إفتخار ولم يدرك بقهرها ثار. وكان يقال: الرعية وإن كانت ثمارا مجتناة وذخائر مقتناة وسيوفا منتضاة وأحراسا مرتضاة، فإن لها نفارا كنفار الوحوش وطغيانا كطغيان السيول، ومتى قدرت أن تقول قدرت أن تصول. وكان يقال: أيدي الرعية تبع ألسنتها فلن يملك الملك ألسنتها حتى يملك جسومها ولن يملك جسومها حتى يملك قلوبها فتحبه ولن تحبه حتى يعدل عليها في أحكامه عدلا يتساوى فيه الخاصة والعامة، وحتى يخفف عنها المؤن والكلف، وحتى يعفيها من رفع أوضاعها وأراذلها عليها، وهذه الثالثة تحقد على الملك العلية من الرعية، وتطمع السفلة في الرتب السنية. وكان يقال: الرعية ثلاثة أصناف: صنف فضلاء مرتاضون بحكم الرئاسة والسياسة، يعلمون فضيلة الملك وعظم غنائه ويرثون له من ثقل أعبائه، فهؤلاء يحصل الملك موداتهم بالبشر عند اللقاء ويلقى أحاديثهم بحسن الاصغاء. وصنف فيهم خير وشر ظاهران فصلاحهم يكتسب من معاملتهم بالترغيب والترهيب. وصنف من السفلة الرعاع أتباع لكل راع لا يمتحنون في أقوالهم وأعمالهم بنقد لا يرجعون في الموالاة إلى عقد.
ويقال أن يزد جرد بن بهرام سأل حكيما: ما صلاح الملك: قال:
الرفق بالرعية وأخذ الحق منها بغير عنف والتودد إليها بالعدل، وأمن السبل وإنصاف المظلوم. قال فما صلاح الملك: قال: وزراؤه إذا صلحوا صلح.
قال: فما الذي يثير الفتن. قال: ضغائن يظهرها جرأة عامة واستخفاف خاصة وانبساط الألسن بضمائر القلوب، وإشفاق مؤسر وأمن معسر وغفلة مرزوق ويقظة محروم. قال وما يسكنها قال: أخذ العدة لما يخاف وإيثار