بها، وقال له يا ابن الأعجمية أو يا ابن السوداء، أو شاكل ذلك من الكلمات.
فشكاه إلى النبي (ص) فقال له الرسول أعيرته بأمه؟ منكرا عليه ذلك، إذ الأم لا دخل لها في الخصام، " لا تزر وازرة وزر أخرى " وقال له: إنك امرؤ فيك جاهلية (أي خصلة من خصالها التي قضى عليها الإسلام أن تعتدي في الخصام) فتجاوز الخصم إلى أبيه وأمه وما لها من ذنب إليك. ثم أوصاه هذه الوصية القيمة التي رفعت من شأن الخدم إلى درجة المخدومين والسادة.
فبين الرسول (ص) أن الخدم والمماليك إخوان في الدين أو في الإنسانية وكان الظاهر أن يقول: خولكم إخوانكم. ولكن قدم ما أصله التأخير اهتماما بالأخوة. وأنه لا ينبغي أن تنسبها الخدمة. وهل الخدمة إلا إعانة. فكيف تجعلها سبب تحقير وإهانة؟ إن الأخوة وحدها داعية التبجيل والإكرام.
فكيف إذا انضمت إليها الخدمة، والمعونة والمساعدة؟ كنت تحسب أنك تطعم الخادم وتسقيه، وتكسوه وتؤويه أو تنقده أجرا على خدمته، فلا تنس أنه يقوم لك بأمور أنت مضطر إليها في حياتك، وكثيرا ما تعجز عن معالجتها، والقيام بها، فهو يكمل نقصك، ويوفر عليك وقتك، ويحقق غرضك، وتصور الوقت الذي تفقد فيه الخادم كيف تعتل أمورك ويقف دولابك ويختل النظام وتتعسر الحاجات؟ فالذي يكفيك شؤونك، ويحقق مصالحك جدير بمعونتك، خليق برعايتك، فهؤلاء الخدم الإخوان جعلهم الله تحت يدك، ومكنك منهم بالملك أو الأجر، وصاروا مسخرين لك طواعية واختيارا فالواجب عليك العناية بهم والإحسان إليهم.
يقول الله تعالى: " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا وبذي القربى.... وما ملكت أيمانكم " فتطعمهم من جنس ما تطعم، فلا تعد لهم طعاما دون طعامك، ولا عيشا دون عيشك، وكيف تستمرئ طعاما