" مثل الأخوين مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى ". (1) والخلاصة: يجب محبة الأخوة، وحسن معاملتهم واحترام كبيرهم، والرفق بصغيرهم، ومساعدتهم على نيل رغباتهم، ومخاطبتهم بالأدب واللطف، ومجاملتهم والسعي في خيرهم وحفظ أسرارهم، والابتعاد عن مخاصمتهم ومنازعتهم والاجتهاد في توثيق عرى الألفة والاتحاد بينهم.
لما ولد لسعيد بن العاص عمرو وترعرع، وتفرس فيه النجابة، وكان يفضله على ولده، فجمع بنيه - وكانوا يومئذ أكثر من خمسة عشر رجلا - ولم يدع عمرا معهم، وقال: يا بني، قد عرفتم خبرة الوالد بولده، وإن أخاكم عمرا لذو همة واعدة، يسمو جده، ويبعد صيته، وتشتد شكيمته، وإني آمركم إن نزل بي من الموت ما لا محيص عنه أن تظاهروه وتوازروه وتعززوه فإنكم إن فعلتم ذلك يتألف بكم الكرم أو يخسأ عنكم اللئام، ويلبسكم عزا لا تنهجه الأيام. فقالوا جميعا: إنك تؤثره علينا، تحابيه دوننا. فقال:
سأريكم ما ستره البغي عنكم، وصرفهم، ثم أمهلهم، حتى ظن أن قد ذهلوا عما كان وراهق عمرو البلوغ، واستدعاهم دونه، فلما حضروا قال: يا بني، ألم تروا إلى أخيكم عمرو، فإنه لا يزال يلحف في مسألتي ما لي، فأحسن عليه لصغره، إلى أن أستثبت أن أمه باغيته على ذلك، فزجرتها فلم تكف، وقد جاء يسألني الصمصامة كأن لا ولد لي غيره، وقد عزمت على أن أقسم مالي فيكم دونه! فقالوا كلهم: يا أبانا، هذا عملك بإيثارك له علينا، واختصاصك إياه دوننا.
فقال: يا بني، والله ما آثرته دونكم بشئ من مالي قط، وما كان ما قلته لكم إلا اختلاقا، تساهلت فيه لما أملته من صلاح أمركم. ثم قال: ادخلوا