قال (ص) إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله تعالى... " " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره " " حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه... " " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.. وكونوا عباد الله إخوانا " " ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ".
في المجتمع المتحاب بروح الله الملتقي على شعائر الإسلام، يقوم إخاء العقيدة مقام إخاء النسب، وربما ربت رابطة الإيمان على رابطة الدم.. والحق أن أواصر الأخوة في الله هي التي حمت الإسلام أول أمره، وأقامت دولته، ورفعت رايته، وعليها اعتمد رسول الله (ص) في تأسيس أمة صابرت هجمات الوثنية الحاقدة وسائر الخصوم المتربصين، ثم خرجت بعد صراع طويل وهي رفيعة العماد وطيدة الأركان، على حين ذاب أعداؤها وهلكوا.
إن الأمور تذكر بأضدادها. وفي عصرنا هذا يذكرنا تجمع اليهود حول باطلهم وتطلعهم إلى إقامة ملك لهم، ومجيئهم من المشرق والمغرب نافرين إلى الأرض المقدسة، تاركين أوطانهم الأولى وما ضمت من ثروات وذكريات.
ويذكرنا هذا الانبعاث عن عقيدة باطلة بالانبعاث الأغر الذي وقع منذ أربعة عشر قرنا، حين يمم المسلمون من كل فج شطر (يثرب) وهاجروا من مواطنهم الأولى إلى الوطن الذي اختاروه ليقيموا فيه أول دولة الإسلام...
كانت المدينة التي احتظنت الإسلام ومجدت كلمته، تقيم العلاقات بين القاطنين والوافدين على التبادل في ذات الله، والإيثار عن سماحة رائعة والمساواة بين الأنساب والأجناس، وتبادل الاحترام والحب، وإشاعة الفضل وتقديس