أحد مظاهره لا أنه كله، كان من قبيل الاستحباب، كقوله (ص): " الدين المعاملة " من باب المجاز في حمل البعض على الكل.
وأما حصر الواجب على الأب في هذه الثلاثة فليس في الحديث دليل عليه ولكن الكتاب الكريم يفرض على الأب أمر أهله بأشياء أخرى، كالصلاة التي هي رمز العبادات في قوله تعالى: " وأمر أهلك بالصلاة "، إذن الحديث ليس فيه حصر للواجب، وإنما هو أمر للآباء ببعض الفروض التي هي العلم والقوة وهو كما قدمنا مقتبس عن الأحكام في القرآن، فالواجب في الحديث متبادل بين الآباء والأبناء، تحت العموم الكامن في قوله صلوات الله عليه: " اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد "، كما أن العلم المفروض ليس محدودا وإنما هو مطلق، وقد خصصه الرسول أو أشار إلى أن الواجب الاجتزاء لا الإحاطة لأن العلم ليس له حد لقوله تعالى: " وقل رب زدني علما " ذلك ما يفيد أن العلم المفروض هو العلم المطلق يسقط وجوب الكل فيه بإحراز البعض.
* * * وقال (ص): " لاعب ابنك سبعا، وأدبه سبعا، وصاحبه سبعا، ثم اترك له الحبل على الغارب ".
إذن: فمراحل الحياة الأولى للرجل ثلاث: أولها الطفولة، وثانيها الصبا، وثالثها الفتوة، وهو في هذه المراحل كل على أبيه، وأبوه هو المسؤول عنه في إعداده للحياة الثانية التي يستقل بها عن أبيه ويشق طريقه في الحياة، وأما مراحل الحياة فثلاث: أولها الشباب، وثانيها الكهولة، وثالثها الشيخوخة. وهو في هذه المراحل كل على نفسه، وعلى هذه المراحل تقوم رجولته فإما إنسان يملأ فراغا في مجتمعه، وإما نكرة مهمل إذا حضر لا يعد وإذا غاب لا يفقد.