والمكر والخديعة فتخلقوا بها وفسدت بصائرهم وأخلاقهم، وربما خذلوه في مواطن الحروب والمدافعات، ففسدت الحماية بفساد النيات، وربما أجمعوا على قتله لذلك فتفسد الدولة...
إلى أن يقول: وأما توابع حسن الملكة فهي النعمة - الإحسان - عليهم والمدافعة عنهم، فالمدافعة بها تتم حقيقة الملك. وأما النعمة عليهم والإحسان لهم فمن جملتها الرفق بهم والنظر لهم في معاشهم، وهي أصل كبير في التحبب إلى الرعية.
واعلم أنه قلما تكون ملكة الرفق فيمن يكون يقظا شديد الذكاء من الناس، وأكثر ما يوجد الرفق في الغفل والمتغفل، وأقل ما يكون في اليقظ أنه يكلف الرعية فوق طاقتهم لنفوذ نظره فيما وراء مداركهم واطلاعه على عواقب الأمور في مباديها بألمعية، فيهلكون لذلك، قال (ص): " سيروا على سير أضعفكم ".
ومنها: ردع قويهم عن ضعيفهم، وإنصاف ذليلهم من عزيزهم، وإقامة الحدود فيهم، وإقرار حقوقهم مقارها، وإغاثة ملهوفهم، وإجابة مستصرخهم، والتسوية في حكمه بين الأبعد منهم والأقرب والأذل والأعز. قال عمر بن الخطاب لرجل: " إني لا أحبك. قال: فتنقصني من حقي شيئا. قال عمر: لا. قال الرجل: فما يفرح بالحب بعد هذا إلا النساء ".
قال رسول الله (ص): " ما من عبد استرعاه الله رعية، فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة " وقال (ص): ما من وال يلي رعية من المسلمين، فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة ".
وقد بين الرسول (ص) أن من لم يحط رعيته بنصحه، ولم يحفظها بقوله وفعله، بل كان فيها الحاكم الخامل، أو الوالي الظالم، أو الراعي الغاش الذي