فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ".
يتلو ذلك شعور عزة الحماية والصيانة له من والده والذود عنه والانتقام له إذا ضيم وفوق هذا شعور الشرف فهو يشرف بشرفه ويحقر بضعته وخسته.
فإن أهين بقول أو فعل ترجف أعصابه ويتبيغ دمه، ولا تكاد تهدأ ثائرته إلا بالانتقام له.
فهذه مجامع نوازع حب الولد الوالد أكثر من حبه لأمه، واتجاهه بالعناية نحو أبيه أكثر مما يتجه بالعناية نحو أمه.
مضافا إلى ذلك شعوره بأنه بضعة من أبيه، يرث بعض صفاته وطباعه وشمائله من جسدية ونفسية وعقلية، بيد أن حب الوالد للولد أحر وأقوى وأنمى وأبقى من عكسه، وهو أشد شعورا بمعنى كون ولده بضعة منه، وكون وجوده مستمدا من وجوده، ويشعر ما لا يشعر من معنى كونه نسخة ثانية منه يرجى لها من البقاء ما لا يرجى للنسخة الأولى، فهو يحرص على بقائه كما يحرص على نفسه أو أشد، ويحرم نفسه من كثير من الطيبات إيثارا له بها في حاضر أمره ومستقبله، ويكابد الأهوال ويركب الصعاب في سبيل السعي والادخار له. فهو مجهد متعب طوال حياته، في تغذيته وإنعاشه وتربيته. من أجل ذلك جعل الله طاعته واجبة، وطلب رضاه حتم. وجعل طاعته منوطة بطاعته، ورضاه وسخطه منوطان برضاه وسخطه.
والأحاديث في ذلك متوفرة: قال رسول الله (ص): " رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد ". وقال (ص): " إن الوالد باب من أبواب الجنة فاحفظ ذلك الباب ". وقال (ص): " من حج عن والده بعد وفاته كتب الله لوالده حجة وكتب له براءة من النار ". وعن إبراهيم بن شعيب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إن أبي قد كبر جدا وضعف فنحن نحمله إذا