من الوحوش الضارية والحيوانات النجسة. فإن لهذه الأشياء كلها تأثيرا سيئا في صحة الإنسان وأخلاقه وقواه العقلية والروحية. وتحل له بدلا منها الأشياء المفيدة الطيبة، وتقول له لا تحرم نفسك من التمتع بها فإن لجسدك عليك حقا وهي تنهاه عن العري، وتأمره أن يتمتع بما قد أنزل الله له من الزينة في هذه الدنيا، ويستر من جسده الأعضاء التي يعد من الوقاحة الكشف عنها.
وهي تأمره بالجد في كسب الرزق، وتقول له لا تقبع في بيتك عاطلا، ولا تمدن يدك إلى الناس مستجديا جدواهم، ولا تلفظ نفسك جوعا، واستخدم ما قد أنعم الله عليك من القوى، واسع بالطرق المشروعة لنيل ما قد خلق الله في الأرض والسماء من الوسائل والأسباب لراحتك وتربيتك.
وهي تمنعه عن تذليل النفس وحرمانها من رغد العيش ومتعة الحياة، وتقول له: إنك إن كنت تريد الرقي الروحاني والتقرب إلى الله والنجاة في الآخرة، فلا حاجة لك ولا داعي إلى ترك الدنيا فإن ذكر الله تعالى في هذه الدنيا، مع التمتع بلذاتها ومنافعها، واجتناب معصيته، واتباع قانونه وشريعته، لهو أكبر وسيلة وأنجعها إلى الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة.
وهي تحرم عليه الانتحار، وتقول له: إن هذه النفس التي قد أوتيتها إن هي إلا ملك لله، قد أودعها أمانة عندك، لتستخدمها إلى أجل مسمى، وما أوتيتها لتعبث بها وتقضي عليها بيدك.
ومن أحسن ما قرأت للمرحوم العلامة الجليل الشيخ محمد جواد الجزائري قوله في النفس:
روح النفس فهي ضيف بمغناك مقيم وسوف ينوي الرحيلا فتوسم لها الفضائل في المغنى وإياك أن تصيب الفضولا وأرحها بفعلك الخير واضع في مجاري الطباع صنعا جميلا