هذه الكلمة نافذة المفعول عند الغربيين وخاصة أمريكا الشمالية، فإن دور الحضانة التي يقوم فيها على تربية الأطفال منذ السنة الأولى إلى السنة السادسة، يقوم على تربيتهم حواضن قلما يكون معهن رجال، لأن التربية الأولى تكاد تكون قاصرة على الأمهات، وحيث إن الأمومة هناك تكاد تكون مفقودة فإن المعلمات يقمن مقام الأمهات.
أقول: إن الأمومة بمعناها الصحيح تكاد تكون في أمريكا مفقودة، لأن كثيرا من أبنائها مجهولوا الآباء كفرنسا التي أثبت الإحصاء في عاصمتها بعد الحرب الأولى عن أربعين في المائة من أبنائها مجهولوا الآباء.
وهكذا في أمريكا أن حصانة الزواج مفقودة فقلما تجد العفة، وحرمة الزواج تعصم أحد الزوجين، من أجل ذلك لا تحرص المرأة على الولد لأنه يحول بينها وبين انطلاقها في عالم الشهوات، لذلك تتحامى الحمل أولا، فإن وقعت فيه مكرهة سلمته لدور الحضانة على حساب حكومتها، فتنشأ الأبناء في حضانة أمهات عارية. ومقدمة هذا البحث إنما هي تمهيد لصدق الرسول على الغربيين في أن دور الحضانة تكاد تكون ملهى وملعبا للصبية ستا أو سبعا من أعمارهم.
أما نحن فلا نفتح أعيننا على الحياة إلا في جو مرهق من القيود التي يغل آباؤنا بها أيدينا عن أن نعمل وأرجلنا على أن نركض، فقد أسأنا كلمة الأدب في الصغار كأنا لم نسمع قول الرسول هذا: " لاعب ابنك سبعا " فإن الوقار المسطنع والهيبة المتكلفة عن كبارنا تحول بينهم وبين أبنائهم من اللهو والمرح والانطلاق التي هي من أرقى صفات الطفولة والصبا في تنشئة الأبناء عقلاء أصحاء، والطبيعة هي التي تؤهلهم لذلك، ولكنا نخالف الفطرة التي هي نواة أولى لدين محمد، فنفرض على صغارنا منذ السنة الأولى أو الثانية لزوم الوقار