أخلاق المنافقين يرينا الله تعالى في كتابه الكريم - وهو العالم بخفايا النفوس وما تكنه الضمائر - أن للمنافقين خصائص وأخلاقا بها يمتازون عن غيرهم ثم أرانا أن العلة في تلك الأخلاق هي مرض القلب، واضطراب العقيدة، ولو كان قلبهم سليما من المرض ما كانوا على ذلك الخلق.
(الأولى) من صفاتهم أنهم يعاملون الله معاملة المخادع، لا معاملة المخلص، وما دروا أنهم بذلك العمل يخدعون أنفسهم، وأن وبال خداعهم راجع إليهم، ولو قدروا الله حق قدره ما عاملوه تلك المعاملة، (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) ولو كان عندهم شئ من العقل لاستحوا من ذلك العمل، فإن الرجل العاقل يستنكف أن يخادع مخلوقا مثله إذا كان يعلم أن عنده من اليقظة والعلم ما به ينكشف خداع صاحبه، فكيف إذا كان ذلك الذي يعامله إلها له العلم الشامل والهيمنة على النفوس ومن آثار خداعهم لله أنهم يصلون بأجسامهم لا بقلوبهم، فهم يصلون صلاة رياء لا صلاة إخلاص (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا). وكأنه يشير بكلمة (إذا) الدالة على التعليق إلى أن الشأن فيهم أن لا يصلوا، ولو فرض أنهم قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، فلم يأخذوا التكاليف بقوة، كما هو الشأن فيمن يعمل العمل وهو مقتنع بأنه نافع مفيد، بل يؤدونها كارهين متثاقلين، لأنهم