الشخصيات كأنما يراها. وتلك طريقة الإمام في رسم النماذج الإنسانية، حتى لتكاد تخطر على الورق نابضة حية!
* * * الإنفاق من أعظم ما يهتم بأمره الإسلام في أحدر كنيه - وهو حقوق الناس - وقد توصل إليه بأنحاء التوصل إيجابا وندبا من طريق الزكاة والخمس والكفارات المالية، وأقسام الفدية، والإنفاقات الواجبة، والصدقات المندوبة.
ومن طريق الوقف والسكنى، والوصايا والهبة وغير ذلك.
وإنما يريد بذلك ارتفاع سطح معيشة الطبقة الساحقة التي لا تستطيع رفع حوائج الحياة من غير إمداد مالي من غيرهم، ليقرب أفقهم من أفق أهل النعمة والثروة.
ومن جانب آخر قد منع من تظاهر أهل الطبقة العالية بالجمال والزينة في مظاهر الحياة بما لا يقرب من المعروف ولا تناله أيدي النمط الأوسط من الناس بالنهي عن الإسراف والتبذير ونحو ذلك.
وكان الغرض من ذلك كله إيجاد حياة نوعية متوسطة متقاربة الأجزاء متشابهة الأبعاض. تحيي ناموس الوحدة والمعاضدة، وتميت الإرادات المتضادة وأضغان القلوب ومنابت الأحقاد. فإن القرآن يرى أن شأن الدين الحق هو تنظيم الحياة بشئوونها وترتيبها ترتيبا يتضمن سعادة الإنسان في العاجل والآجل ويعيش به الإنسان في معارف حقة وأخلاق فاضلة، وعيشة طيبة يتنعم فيها بما أنعم الله عليه من النعم في الدنيا، ويدفع بها عن نفسه المكاره والنوائب ونواقص المادة.
ولا يتم ذلك إلا بالحياة الطيبة النوعية المتشابهة في طيبها وصفائها، ولا يكون ذلك إلا بإصلاح حال النوع برفع حوائجه في الحياة، ولا يكمل ذلك