يزري بما أوتي من عرفان.. وقد أعلن الله عز وجل سخطه على أولئك الذين يعلمون بأقوالهم، ويجهلون بأحوالهم، فقال: " كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ".
والحق أن هناك نفرا نكب العلم بهم، وفضحت الأديان بسيرتهم جعلوا علمهم بالحق مصيدة للباطل فحفظوا منه كلمات يهدون بها الناس، ثم انثنوا من جهة أخرى يجرون المنافع ويصطادون المغانم.
فالفواصل بين ما يقولون وبين ما يفعلون غليظة كثيفة، طباع بهائم وتعاليم ملائكة.
وأحسب أن هذا الصنف ليس من قبيل الأرض المجدبة التي أمسكت الماء فالمفروض أن معدن هذه الأرض لا يفسد ما فوقه! والنفوس ينبغي لها أن تصلح بالعلم، فإذا لم تصلح به فلعل من بقية الخير بها أن تحفظه نقيا ليصلح به الآخرون..!
وقد تقول: إن الحديث ذكر علماء ينشرون الهدى ولا ينتفعون به، فلم ترك العباد الأتقياء الذين ليس لديهم علم ينشرونه؟ والجواب أنه ليس في الإسلام عباد جهلة، وأقل أحوال المسلم أن يكون لديه معرفة بالفضائل والرذائل فهو يدعو للأولى وينفر من الأخرى.. فإذا لم يكن كذلك فهو من العصاة وليس من المتقين.
وأما الصنف الذي أعيى العالمين أمره، وأعجز الأطباء برؤه فهم أولئك الذين تتعهدهم بدروس الحكمة وتأخذهم بألوان الأدب، وتغزوهم بالنذر، وتتألفهم بالبشريات.. ومع ذلك كله يستعصون على جهودك المتتابعة ويلقون القنوط في قلبك.
أنظر إلى قوم إبراهيم كيف هشم أصنامهم ليثبت لهم أنها لا تملك لنفسها