واحدا، وذلك أنك تقول: أدرك الشيء، وأدركته، وتدارك القوم، واداركوا، وأدركوا: إذا أدرك بعضهم بعضا، ويقال: تداركته، واداركته وأدركته، وأنشد:
تداركتما عبسا وذبيان بعدما * تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم (1) وقال ذو الرمة:
خزامى اللوى هبت له الريح بعدما * علا نورها مج الثرى المتدارك (2) فهذا لازم، وقال الطرماح:
* فلما ادركناهن أبدين للهوى (3) * وهذا متعد، وقال الله تعالى في اللازم: " بل ادراك علمهم " قال شمر: وسمعت عبد الصمد يحدث عن الثوري في قوله تعالى هذا، قال مجاهد: أم تواطأ علمهم في الآخرة، قال الأزهري: وهذا يوافق (4) قول السدي؛ لأن معنى تواطأ تحقق واتفق حين لا ينفعهم، لا على أنه تواطأ بالحدس كما ظنه الفراء، قال: وأما ما روى عن ابن عباس أنه قال بلى (5) آدرك علمهم في الآخرة فإنه - إن صح - استفهام فيه رد وتهكم ومعناه لم يدرك علمهم في الآخرة، ونحو ذلك روى شعبة عن أبي حمزة عن ابن عباس في تفسيره، ومثله قوله تعالى: (أم له البنات ولكم البنون) (6) معنى أم: ألف الاستفهام، وكأنه قال: أله البنات ولكم البنون، اللفظ لفظ الاستفهام ومعناه الرد والتكذيب لهم.
والدرك يحرك ويسكن هكذا هو في الصحاح والعباب ولا قلق في العبارة كما قاله شيخنا، والضبط عنده وإن كان راجعا لأول الكلمة فإنه لما عدا التسكين، فإنه في الأول لا يتصور، بل هو على كل حال راجع للوسط، ومثل هذا لا يحتاج التنبيه عليه. بقي أنه لو قال: والدرك ويحرك على مقتضى اصطلاحه فإنه أرجحية التحريك، كما نصوا عليه فتأمل: التبعة يقال: ما لحقك من درك فعلي خلاصه، يروى بالوجهين، وفي الأساس: ما أدركه من درك فعلي خلاصه وهو اللحق من التبعة أي ما يلحقه منها، وشاهد التحريك قول رؤبة:
* ما بعدنا من طلب ولا درك * ومنه ضمان الدرك في عهدة البيع.
والدرك: أقصى قعر الشيء يروى بالوجهين كما في المحكم، زاد في التهذيب: كالبحر ونحوه (7)، وقال شمر: الدرك: أسفل كل شيء ذي عمق كالركية ونحوها، وقال أبو عدنان: درك الركية: قعرها الذي أدرك فيه الماء، وبهذا تعلم أن قول شيخنا: - وتفسيره بقوله أقصى قعر الشيء غير معروف، وعبارته غير دالة على معنى صحيح - غير وجيه فتأمل.
وقال المصنف في البصائر: الدرك اسم في مقابلة الدرج بمعنى: أن الدرج مراتب اعتبارا بالصعود والدرك مراتب اعتبارا بالهبوط (8)، ولهذا عبروا عن منازل الجنة بالدرجات، وعن منازل جهنم بالدركات أدراك هو جمع للمحرك والساكن، وهو في الأول كثير مقيس، وفي الثاني نادر، ويجمع أيضا على الدركات، وهي منازل النار نعوذ بالله تعالى منها. وقال ابن الأعرابي: الدرك: الطبق من أطباق جهنم، وروى عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: الدرك الأسفل: توابيت من حديد تصفد عليهم في أسفل النار، وقال أبو عبيدة: جهنم دركات، أي: منازل وطبقات، وقوله تعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) (9) قرأ الكوفيون غير الأعمش والبرجمي بسكون الراء، والباقون بفتحها.
والدرك، بالتحريك: حبل يوثق في طرف الحبل الكبير ليكون هو الذي يلي الماء ولا يعفن الرشاء عند الاستقاء، كما في المحكم، وقال الأزهري: هو الحبل الذي يشد به العراقي ثم يشد الرشاء فيه وهو مثنى، وقال الجوهري: قطعة حبل يشد في طرف الرشاء إلى عرقوة الدلو، ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفن الرشاء، ومثله في العباب.