ومنه قوله تعالى: (ولقد صدقكم الله وعده) (1) وقوله تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) (2).
ومن المجاز: صدقوهم القتال وصدقوا في القتال: إذا أقدموا عليهم، عادلوا بها ضدها حين قالوا: كذبوا عنه: إذا أحجموا.
وقال الراغب: إذا وفوا حقه، وفعلوا (3) على ما يجب. وقد استعمل الصدق هنا في الجوارح، ومنه قوله تعالى: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) (4) أي حققوا العهد لما أظهروه من أفعالهم. وقال زهير:
ليث بعثر يصطاد الرجال إذا * ما الليث كذب عن أقرانه صدقا ومن أمثالهم: صدقني سن بكره، وذلك أنه لما نفر قال له: هدع، وهي كلمة تسكن بها صغار الإبل إذا نفرت، كما في الصحاح، وقد مر في: ه د ع هكذا في سائر النسخ الموجودة، ولم يذكر فيها ذلك، وإنما تعرض له في " ب ك ر " فكأنه سها، وقلد ما في العباب، فإنه أحاله على " هدع " ولكن إحالة العباب صحيحة، وإحالة المصنف غير صحيحة.
ومن المجاز: الصدق، بالكسر: الشدة.
وفي العباب: كل ما نسب إلى الصلاح والخير أضيف إلى الصدق. فقيل: هو رجل صدق، وصديق صدق، مضافين، ومعناه: نعم الرجل هو، وكذا امرأة صدق فإن جعلته نعتا قلت: الرجل الصدق بفتح الصاد وهي صدقة كما سيأتي، وكذلك ثوب صدق. وخمار (5) صدق حكاه سيبويه.
وقوله عز وجل: (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق) (6) أي: أنزلناهم منزلا صالحا. وقال الراغب: ويعبر عن كل فعل فاعل ظاهرا وباطنا بالصدق، فيضاف إليه ذلك الفعل الذي يوصف به نحو قوله عز وجل: (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) (7) وعلى هذا (أن لهم قدم صدق عند ربهم) (8) وقوله تعالى: (أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق) (9) (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) (10) فإن ذلك سؤال أن يجعله الله عز وجل صالحا بحيث إذا أثنى عليه من بعده لم يكن ذلك الثناء كاذبا (11)، بل يكون كما قال الشاعر:
إذا نحن أثنينا عليك بصالح * فأنت كما نثني وفوق الذي نثني ويقال: هذا الرجل الصدق، بالفتح على أنه نعت للرجل، فإذا أضفت إليه كسرت الصاد كما تقدم قريبا، قال رؤبة يصف فرسا:
* والمرء (12) ذو الصدق يبلي الصدقا * والصدق، بالضم، وبضمتين: جمع صدق بالفتح كرهن ورهن، وأيضا جمع صدوق كصبور، وصداق كسحاب، وسيأتي بيان كل منهما.
والصديق كأمير: الحبيب المصادق لك، يقال ذلك للواحد، والجمع، والمؤنث، ومنه قول الشاعر:
نصبن الهوى ثم ارتمين قلوبنا * بأعين أعداء وهن صديق (13) كما في الصحاح، وفي التنزيل: (فما لنا من شافعين. ولا صديق حميم) (14) فاستعمله جمعا، ألا تراه عطفه على الجمع، وأنشد الليث: