الشخصي منه صلى الله عليه وآله وسلم، بسبب تعرض ابن أبي للمساس بشخص النبي (ص) وليست القضية قضية كفر وإيمان، وإقامة لحدود الله سبحانه في حق من يكفر بالله بعد إيمانه، ويجترئ على المقدسات.
ويفسخ بعمله ذاك المجال أمام الآخرين لجرأة مماثلة أو أشد ثم عرقلة دخول الناس في الاسلام، وفسح المجال أمام المغرضين للتلاعب وإثارة الإشاعات الباطلة، وتشكيك الآخرين الذين لا يملكون قدرا كافيا من المعرفة والوعي واليقين.
ومن جهة ثانية، فإن قتل ابن أبي قد يتسبب في حدوث مشاكل كبيرة، وتشنجات خطيرة، كما أشار إليه صلى الله عليه وآله وسلم في ما أجاب به عمر بن الخطاب، الذي حرضه على قتله، وعين له حتى من يتولى ذلك من المسلمين!! حيث قال له:
" إني والله لو قتلته يوم قلت، لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته ".
بل لقد نصت الروايات المتقدمة على أن قوم ابن أبي أنفسهم قد بدأوا يضيقون ذرعا بابن أبي وتصرفاته، وصاروا يلومونه ويعنفونه على ما بدر منه.
فقضية ابن أبي إذن لم تعد قضية شخص صدر منه ما يوجب الحد، بل هي قد تطورت لتلحق آثارها بالاسلام وبالمسلمين، وحتى على المدي البعيد أيضا. والنبي (ص) يعرف متى يحق له أن يصرف النظر عن إقامة حد على من يستحقه، إذا رأى ما يقتضي ذلك.
والامر الغريب هنا: أننا نجد عمر بن الخطاب يصر على النبي (ص) بقتل هذا الرجل، رغم أنه (ص) قد أخبره بأن قتله يوجب خللا في الواقع القائم، ويعتبر خطأ فاحشا حينما قال له: إذن ترعد آنف كثيرة بيثرب.